أوباما.... غورباتشوف اميركا
د.نسيب حطيط
تعاني اميركا من عوارض سن الشيخوخة السياسية حيث بدأت مرحلة إقفال فروعها الخارجية من أنظمة ورؤساء وملوك ،وبدأ سقوط الحكومة الأميركية العالمية الكبرى بعدما انهارت الولايات الخارجية الاميركية ولم تنجح اميركا بإستعادتها وتغيير جلدها بما سمي الربيع العربي، فسقط مبارك وبن علي والقذافي وعلي صالح والحمدين في قطر ويترنح اردوغان في تركيا ويقلق السعوديون من المستقبل المظلم خوفا من ان تتركهم اميركا كما تركت مبارك وبن علي وقبلهما شاه إيران.
يحاول أوباما طمأنة السعودية العجوز التي غضبت من العلاقة المستجدة بين ايران والدول الست في المحادثات النووية وتحاول الضغط على الأميركيين بفتح علاقات مع الصين وغيرها ولا تملك إلا سلاح النفط والمال وهي تعرف انهما باليد الاميركية فالمال في البنوك الاميركية والنفط بيد الشركات والأمن بيد المارينز ولذا فالتهديد السعودي بلا تأثير او وزن، بل العكس فيمكن للأميركيين إعادة ماأنتجته السعودية من التكفيريين والقاعدة في مصانع الوهابية إلى أراضيها لتحرير الحرمين!
فقدت أميركا التفرد بالقرار الدولي وفشلت في أفغانستان والعراق ثم عجزت عن إسقاط النظام في سوريا وخسرت احتكار المؤسسات الدولية من مجلس الأمن والهيئات التابعة بما يشبه الانحدار اوالسقوط السوفياتي بعد الهزيمة العسكرية في أفغانستان وانعكاسها السلبي في الداخل السوفياتي والذي استغلته اميركا عبر (البريسترويكا)( إعادة البناء )السوفياتية بقيادة غورباتشوف الذي قاد سياسة الإنفتاح والديمقراطية التي انهت الامبراطورية السوفياتية وفككت العالم الشرقي او الشيوعي.
ان الرئيس أوباما رفع شعار العودة الى داخل الحدود أو إعادة التوضع ((Repositioning عبر الانسحاب من أفغانستان والعراق ومحاولة التخلي عن مسؤولية حماية الحلفاء ميدانيا عبر التدخل المباشر والاستعاضة عنها باستراتيجية الحرب البديلة المرتكزة على مجاميع الإرهابين التكفيريين بعد نجاح تجربتهم في أفغانستان وتكرارها في سوريا الآن .
إن الفشل والتراجع الأميركي خلال العقد الأخير يظهر وفق التالي:
- الانسحاب من أفغانستان والعراق.
- الهزيمة في سوريا والخوف من التدخل العسكري.
- فشل الحصار والعقوبات على ايران والرضوخ لمبدأ المفاوضات والاعتراف بحقوق ايران النووية السلمية.
- خسارة السيطرة الأحادية في مجلس وتعطيله كأداة رديفة للسياسة الاميركية للسيطرة على العالم.
- الفشل الأميركي بالقضية الأوكرانية وانتفاضة القيادة الروسية لمواجهة الغطرسة الاميركية والدفاع عن فضائها الأمني الاستراتيجي.
- تصدع جبهة العدوان على سوريا والصراع القطري -السعودي والتركي وتشتت المعارضة السورية وتغلب القوى التكفيرية الأجنبية على المعارضة الداخلية ومصادرة الأرض والقرار.
- تفكك مجلس التعاون الخليجي الذي يشكل رديفا للجامعة العربية واحد نوافذ التخل الأميركي الى المنطقة
وفشل المشروع الأميركي لتسليم العالم العربي للإخوان المسلمين.
لقد ألغى أوباما جولته الخليجية وسيكتفي بزيارة السعودية مع عدم قدرته في تحقيق المصالحة القطرية السعودية او عدم رغبته في ذلك، خاصة وان البلدين تحت الرعاية والأمرة الاميركية وذلك نتيجة الارتباك والتخبط الأميركي في المنطقة بعد الفشل المتكرر خلال السنوات الثلاث الأخيرة وظهور محور مواجه للسياسة الاميركية وفق تقاطع المصالح مرحليا او وحدة الهدف بإسقاط الهيمنة الاميركية وحماية الدول لكياناتها السياسية ووحدتها الجغرافية.
أوباما في ولايته الرئاسية الثانية يؤسس لسقوط الامبراطورية الاميركية ويمهد للعودة للتفرغ للمشاكل الداخلية ، فيرضى بتفكك لامبراطورية خارجيا ليحفظ الوحدة الداخلية ولو كان الثمن التخلي عن قيادة العالم ومشروع الحكومة العالمية بقيادة اميركا بعد فشل مشروع السيطرة على العالم .
هل سيسجل التاريخ ان أوباما هو النسخة الاميركية لغورباتشوف السوفياتي؟
يمكن ان يستغرب البعض ذلك او يقلب شفتيه رفضا لإمكانية السقوط الأميركي ، لكننا نؤمن عقائديا وتؤشر الوقائع الميدانية والسياسية بإمكانية تحقيق ذلك عبر الثقة بالله سبحانه والإعنماد على النفس والصبر والصمود وتعميم ثقافة المقاومة والوحدة وإسقاط المقاولة الثورية ومقاومة الإنهتازيين والوصوليين وتطهير الإسلام من الإنحراف والضلال الفكري والسلوكي حتى لايستمر بعض المسلمين بالعمل وفق العقيدة السلفية اليهودية المنحرفة والتي يقولها التلمود الذي يعتقدون به والقائلة بفكرة " التسامي عبر الغوص في الرذيلة "!